بداية أود أن أوضح أنني لم أكتب هذه الأسطر إلا محبة لكم كي لا تضيعوا وقتكم وراء طرد السراب.
كثرت في الفترة الأخيرة العروض والطلبات حول مشاريع فلل هيئة الاسكان –وزارة الاسكان- وكان محدثكم ضحيتها مراراً، مرة طالباً وأخرى عارضاً. للأسف أضعت الكثير من الوقت والمال لأكتشف في نهاية الأمر أنني أدور في دائرة مفرغة...اتصلت..اجتمعت..سافرت...وصلت إلى الصين وجلبت شركات وعدتها بأنها ستحصل على آلاف الفلل التي -بزعم الوسطاء- لم تجد من يتكفل ببنائها !
امتلأ مكتبي وسيارتي وايميلي بالبروفايلات من كل الأحجام وبمختلف الألوان...بعضها محلي وبعضها عبر البحار والمحيطات ليحط عليّ كأثقل الضيوف.
تعبت من "اللف والدوران" فحملت حالي على قولة إخواننا اللبنانيين –وعلى ذكر اللبنانيين كدت أزمط الشنب والسكسوكه وأشقّر شعري وأرتدي عدسات زرقاء بعد أن قررت (حمل حالي) لأدخل على وزير الاسكان لعل الأمور تتسهل ونلاقي أحد يدفشها دفشي زغيري..لكنني تراجعت في اللحظة الأخيرة وقررت الدخول على معاليه بالزي الوطني –بدون بشت طبعاً-.
ذهبت لمبنى الاسكان وكان للتو قد ارتدى مشلح الوزارة...قبلها بأيام كنت في ذات المبنى عندما كان (هيئة) وياكبر الفرق...وسبحان مغير الأحوال.
المهم مالكم بالطويلة...بعد خروجي من الوزارة وبعد اجتماعين مع وكيلها ومدير المشاريع فيها-بعد تعذر لقاء معاليه- خلصت إلى التالي:
-أكبر عقد تم ترسيته حتى الآن 3000 آلاف فيلا...بينما الأخوة الوسطاء يقسمون لك بأغلظ الأيمان أن لديهم 6000 و 7000 آلاف وبعضهم شطح إلى أكبر من هذا..كل واحد وسعة خياله.
- الأسعار لم تزد عن 2400 ريال للمتر وهذا حصل في مشروع في منطقة نائية...أما المتوسط في الغالب فهو 2050 ريال للمتر...بينما الأخوة الوسطاء وصلوا إلى 5000 ريال للمتر !
-ليس هناك تعميد مباشر أو تعميد تحت الطاولة أو فوقها أو حتى جنبها كما يروج الأعزاء الوسطاء...الوزارة لديها قائمة بشركات تم تأهيلها عن طريق مكاتب استشارية...وعند طرح أي مشروع يتم دعوة عشر شركات منها للمنافسة على المشروع وتقوم بتقديم عطاءاتها في مظاريف مغلقة.
**
ولتتضح الصورة أكثر ارجعوا للأمر الملكي الذي صدر قبل اسابيع والذي تضمن إنشاء 500 ألف وحدة سكنية بقيمة 250 مليار.
500,000 / 250,000 = 500,000 ريال تكلفة الفيلا الواحدة
لو قلنا الفة مساحتها 222 فمعناه إن كلفة المتر 2252 ريال للمتر.
بينما الحقيقة أن سعر المتر سيقل لأن الوزارة تتجه لبناء نماذج جديدة من الفلل ذات مساحة أكبر مما سيجعلها تحد من التكاليف قدر الامكان.
إذاً لماذا حدث هذا الخلط ؟
تحليلي الشخصي لما يحدث هو كالتالي:
- هناك مشاريع اسكانية نخبوية تابعة لوزارة الداخلية والحرس الوطني وشركات حكومية تصل أسعار المتر فيها إلى 5000 آلاف ريال...وهي وحدات قليلة وصممت لإسكان كبار الموظفين والضباط في مناطق مختلفة، لكن بعض الوسطاء علموا أم جهلوا أخذوا هذه الأسعار وأسقطوها على مشاريع وزارة الإسكان واخترعوا أعداد الوحدات التي يسمح بها خيالهم الواسع فأحدثوا كل هذه البلبلة التي نسمعها ونشاهدها ونتعايش معها منذ قرابة العام.
الخلاصة:
كل مايحدث وهم...ثم ألم تتساءلوا .. شركات تحصل على مشاريع بالمليارات لماذا تلجأ لوسيط غلبان –زي حالاتي- لينقذها من هذا المشروع الورطة؟!
الذي أعرفه أن كل الشركات الكبرى لديها إدارات للتسويق والعلاقات العامة والخاصة أيضاً تستطيع الوصول لأي شخص سواء كان مسؤولاً أو رئيس شركة أو أياً كان لتطلب منه أو تعرض عليه ما لديها !
صح وألا أنا غلطان؟!
تحياتي للجميع.