سيدة الأعمال الإماراتية الشابة حمدة الحريزي، الحلم الذي كان يتكرر أيضا وكان يبدو صعب التحقق لكنه استحال واقعا، هو أن تتربع هذه الفتاة الفقيرة المعذبة على عرش تجارة الكافيار عالميا، فحمدة التي تشعر أنها متميزة عن بقية الفتيات بشجاعتها تعيش اليوم حياة فارهة لم تنسها الفقر والعوز، وتحب أن تتحدث عن المعاناة في حياتها، والطريق التي سلكتها للنجاح، وهي تصنف شركتها لتجارة الكافيار من ضمن الشركات الأولى على مستوى العالم، حيث تمتلك شركة في نيويورك وشركة في هونغ كونغ وأخرى في ألمانيا، بالإضافة إلى فروع تحمل اسم شركتها في أنحاء العالم، وإن كانت تتحفظ على ذكر ثروتها خوفا من العين والحسد.
أما فيما يتعلق بمجال صناعة الكافيار وتجارته، فتقول حمدة، إن الإمارات تستورد ما يعادل من 40 ـ 60 في المائة من إنتاج العالم من الكافيار عبر دبي، وإن 2 في المائة من هذه الكمية تذهب للاستهلاك المحلي، فيما يعاد تصدير النسبة الباقية إلى مختلف أنحاء العالم. وتعد دبي اليوم أكبر سوق لتجارة واستهلاك الكافيار في المنطقة، حيث تستورد الإمارة جميع أنواع الكافيار من مختلف مصادره، وتعيد تصدير الجزء الأكبر منه إلى مختلف دول العالم.
والكافيار هو بيض سمك الحفش، الذي يوجد في بحر قزوين شمال إيران ويتوزع على أنواع عدة، أفضلها سمك الـ(بلوكا) الذي يتراوح سعر الكيلو غرام الواحد منه بين 4000 إلى 7000 يورو، ويصنف بيض الكافيار حسب نوعه ولونه وحجمه وطعمه حيث يبلغ سعر بيض سمك كافيار البلوكا الذي يزن طنا واحدا أكثر من 4000 يورو، بينما يتراوح كافيار سمك (الساوركا) وهو الكافيار العادي بين800 إلى 2900 يورو للكيلوغرام. لكن سيدة الكافيار كشفت لـ«الشرق الأوسط» عن أنها تمتلك أغلى أنواع الكافيار في العالم، وهو ما يسمى «الماس» وهو شديد الندرة حيث لا يوجد منه في السوق منذ عام 2004 «أنا الوحيدة التي امتلك هذا النوع في العالم» والسبب في ندرة هذا النوع «أنه كل 15 ـ 20 سنة يتم اصطياد هذه السمكة» أما لون هذا النوع فهو لونالذهب من عيار 24 قيراطا.ولأنها الوحيدة التي تمتلك هذا النوع فهي برأيها صاحبة الحق في تسعيره «أنا سعرت الكيلو غرام الواحد من كافيار الماس بـ200 ألف يورو (مليون درهم إماراتي) للكيلوغرام» تبتسم وتقول «من يريد أن يأكل كافيار الماس فليدفع هذا السعر، ولن أبيع لأي كان فأنا أحافظ على زبائني»، سألتها: كم كيلو غرام لديك من كافيار الألماس ؟ رفضت الإجابة.
إنه مجال مليء بالصعوبات، تتابع حمدة، خصوصا الجوانب المتعلقة بضرورة المتابعة القريبة لسير العمل في كل فروع الشركة، وهو بحاجة إلى طاقة كبيرة، تفكير، تركيز، ونفس طويل، وتحمل لكي تستطيع أن تبقى في الساحة بين منافسين كثيرين جلهم من أصحاب الخبرة «فهذا بحد ذاته انجاز ولذلك أستطيع أن أقول إنني الأولى ولا أحب أن أتحدث عما أملك» وتؤكد الحريزي أن الأزمة المالية العالمية لم تؤثر بشكل كبير على صناعة الكافيار، وأن أعمالها ونشاطها التجاري بقي في مستوياته «تراجع قليلا بشيء لا يذكر بحيث لا يمكن الحديث عن خسائر» ولا تتورع حمدة، التي أخذت مهنة الكافيار عن صديق والدها عندما كانت تعمل عنده في غسيل الصحون وإعداد الشاي، لا تتورع عن ذكر تفاصيل المعاناة من حياتها، وتعتبر أن هذه اللحظات هي التي تدفعها إلى الأمام «أتذكر عندما كنت صغيرة كنت أود أن أقلي الباذنجان فلم أستطع تأمين الزيت فقمت بشويه، هذه القصة تشعرني بحرقة كلما تذكرتها لكني أضحك في الوقت ذاته» وعلى الرغم مما وصلت إليه حمدة، التي تسكن اليوم وعائلتها في إحدى الفيلات الفخمة في أرقى أحياء دبي (ليست الفيلا الوحيدة) يمتلئ مرآبها بسيارات فارهة، إلا أنك لن تشعر بأي من الحواجز عند الحديث معها تقول، «أنا لم أتغير ما زلت الموظفة ذاتها التي كانت تغسل الصحون، وإلى اليوم أعد قهوتي بيدي ولا أفكر في يوم من الأيام أنني ملكة الكافيار وأنسى الماضي لأنني لا بد أن أعود إليه لأحافظ على نجاحي» أما أكثر ما تكرره حمدة أثناء الحديث معها، هو حمدها وثناؤها على الله تقول لي أكثر مكان أحمد فيه الله هو الطائرة «فعندما أجلس في الطائرة أقول الحمد لله، فقد كنت أحلم في يوم من الأيام أن أكون سيدة أعمال كبيرة، يا رب لا تأخذ هذه الأيام مني» المكان الآخر الذي يثير شجون حمدة هو «عندما آخذ حماما باردا أقول يا ربي لا تحرمني من هذا الماء البارد ولا تحرم أي إنسان منه».
أما الشخص الذي ترجع إليه حمدة الفضل في نجاحها، فهو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم «نائب رئيس الإمارات ورئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي، وقف معي في أشياء كثيرة، وأنا لا يمكن أن أنكر جميله مدى الحياة، وإذا طلب أن أعمل عنده في أي عمل لن أقول لا، لأنه الوحيد الذي دعمني في أحلك ظروف حياتي فور أن طلبت ذلك»، وتتابع حمدة أن الشيخ محمد «دعمني ماديا ومعنويا ودعم شخصيتي ومنحني الجرأة وأعطاني الثقة بنفسي» وبالإقتراب أكثر من الأسرة تتحدث حمدة عن علاقة قوية تربطها بعائلتها «هناك علاقة قوية جدا مع عائلتي، فعندما لا أراهم يوما أشعر بأن اليوم غير كامل» فهي تعيش مع والديها وإخوتها وتصر على الاعتناء بوالدها المريض دون الاستعانة بممرضة. أما الحلم المثير الذي تطلق له الخيال فهو أن تمتلك بحر قزوين، الذي يعد مستودعاً عالميا لسمك الحفش المنتج للكافيار، الذي تعشقه لكنها على المدى المنظور تحلم في توسيع مزارعها في أنحاء العالم.
وقد لا يبدو غريبا، أن هذه الشابة التي لم تتجاوز الثلاثين عاشقة للسرعة فهي وصلت بسرعة قصوى وفي فترة لم تتجاوز الخمسة عشر عاما، إلى هذه المرتبة عالميا، حيث احتلت الحريزي، المركز الأربعين بين خمسين سيدة أعمال عربية، أغلبهن يفقنها خبرة ويكبرنها سنا في استطلاع أجرته مجلة «فوربز» العربية، ويبدو أن للسرعة المسيطرة على مسيرتها المهنية تأثيرا على هواياتها، فهي تعشق قياده سيارات السباق القوية والسريعة، أما السيارات التي لفتتني في مراب منزلها فهي جاغوار وفيراري ومزاراتي، فيما يعكس حجم الانقلاب الذي حدث في حياة هذه السيدة، «فلا شيء يستحيل على الإرادة» كانت إجابتها على سؤال هل توقعت للحظة أن تصبحي في هذا الموقع؟.
____________
منقولة من الشرق الأوسط
اخوكم / م محمد البلوشي